مدرسة محمد علي عنان الابتدائية

أهلا بكم فى منتديات مدرسة عنان التعليميه .... نرجو أن تسجل وتنضم لأسرة منتدانا التعليمى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسة محمد علي عنان الابتدائية

أهلا بكم فى منتديات مدرسة عنان التعليميه .... نرجو أن تسجل وتنضم لأسرة منتدانا التعليمى

مدرسة محمد علي عنان الابتدائية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

مدرسة محمد علي عنان ترحب بالسادة الزوار
مدرسة محمد علي عنان ترحب بالسادة الزوار

    علماء من بلدى

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 69
    تاريخ التسجيل : 17/02/2010

    علماء من بلدى Empty علماء من بلدى

    مُساهمة  Admin الإثنين مايو 23, 2011 4:46 am

    أنا وجدى

    دائما كنت أسمع من والدتى عن جدى الذى فقد ثلث حياته ونصف بصره فى سجون عبد الناصر ، وطالما سمعت من جدتى كلمة "الإخوان" تخرج من فيها غير مرتجفة ولا متوجسة ، تخرج منها كأنها تتحدث عن شمس الأصيل ، أو سعف النخيل ، وعندما كنت أذهب لجامع الشراقى فى تلك القرية البعيدة على أطراف الشرقية التى تدعى "حوض ناجيح" يعترينى الفضول لاكتشاف كل هذه الغرف والقاعات التى بذلك المسجد الضخم ، واحدة منها كنت أحضر فيها كتابا فى أيام الإجازات المتقطعة ، والأخريات يحكى عنها حكايات وحكايات ، ورغم كل ذلك كنت عندما أنظر لصورته أو أتذكر المواقف القليلة التى جمعتنى به فى حياته أحسه رجلا طيبا هادئا وقورا لا يبدو عليه أن حياته زخرت بكل هذا .

    حتى جاء اليوم الذى أطلعتنى فيه إحدى حفيداته على مخطوطة له ، مكتوب عليها "الذئب المزيف" قالت إنها قصة لجدك ، رأيت أنك أولى بالاحتفاظ بها ، فليس منا من يقدر هذا الأدب ، يمكنك أن تفعل بها ماشئت .

    أمسكت بالمخطوطة وأخذت أقرأ حتى أتيت عليها ، ثم أخذنى العجب والدهشة كل مأخذ ، أحسست أننى أمام قصاص ماهر ، يكتب بلغة سلسلة رائقة ، يسلسل الأحداث تسلسلا ، يفتق الأفكار ويضع المعضلات ويركب القصة تركيبا لم أعهده فى قراءاتى لكبار القصاصين فى العالم العربى ، صدمت عندما وجدتها بلا تاريخ ، ظللت أسابيع أنقب وأسأل كل من يعرف جدى عن قرب أو عن بعد ، وجدتهم سمعوا عن تلك القصة ، بعضهم قرأها وبعضهم لم يقرأها ، لكنهم لم يتفقوا على تحديد وقت كتباتها ، وإن كانت الغالبية ترى أنه كتبها فى الثلاثينيات من عمره أى فى الخمسينيات من القرن الماضى ، وهو وقت مبكر جدا كانت القصة العربية ما زالت تخطو خطواتها الأولى ،والبعض أرجع وقت كتابتها إلى فترة العشرينيات خاصة أنه كان يعمل وقتها فى معسكرات الإنجليز ، وقرأ أكثر من شخص فى مكتبته بعض الروايات والقصص الإنجليزية غير مترجمة حيث كان يتقن الإنجليزية .

    أستكملت خطوات تحقيق المخطوطة من بحث عن النسخ أخرى لها ، ومطابقة خطها بخط المؤلف ، وتحرير النص المكتوب واستدراك التصحيفات والتحريفات القليلة فيه ، وعزمت على نشره – إلكترونيا أولا – بمقدمة أراها مهمة لمناقشة ثلاث قضايا
    1- علاقة الحركة الإسلامية بالأدب ومسيرته المصرية خاصة ( المؤلف نموذجا) .
    2- القصة البوليسية المصرية ( الذئب المزيف نموذجا ) .
    3- ثقافة التحقيق ( تجربتى نموذجا ) .

    ***

    1- المؤلف :


    أحمد محمد على الشراقى ولد فى قرية "حوض نجيح" التابعة لمركز ههيا من مراكز الشرقية عام 1917 ، والده كان من كبار الفلاحين لكنه كان حالة وسط بين طبقة ملاك الأراضى ( الأرستقراطيين ) ، وطبقة الفلاحين العاملين بالأجرة فى تلك الأراضى ، وكان أيضا حلقة الوصل بين السلطة المعتمدة من الحكومة ( العمدة ) وبين بقية المحكومين ، فبيته يعد ثانى أكبر بيت فى البلد بعد بيت العمدة وإن كان له اليد الطولى فى الفصل بين المنازعات و مجالس الصلح ، وعندما بدأت دعوة الإخوان فى الانشار فى ربوع مصر وخاصة فى قرى الدلتا والصعيد دخلت دعوة الإخوان قرية حوض نجيح عن طريق الشراقى الكبير ، وقد شب أولاده فى خدمة هذه الدعوة ، واشتهر أمر القرية خاصة بعد إعلان الإخوان المسلمين مشاركتهم فى حرب 48 حيث كون شباب القرية أول طليعة كبرى فى الشرقية ، وأقاموا معسكرا كبيرا عند التل الكبير وكان يتولى مهمة تدريبهم ابنه الأكبر "سيد شراقى" فى معسكر التل الكبير حيث اغتيل على يد عناصر من الحكومة المصرية ، وترجمته وقصة استشهاده افتتح بها الأستاذ حسن دوح كتابه شهداء على الطريق (دار الاعتصام) .

    أتم أحمد الشراقى حفظ القرآن فى كتاب القرية فى سن صغيرة ، حازعلى شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1928 ، ثم شهادة الدراسة الثانوية عام 1931 ، عمل لمدة عام أو عامين فى معسكرات الإنجليز ومكنته هذه الفترة من إجادة اللغة الإنجليزية ، عين بعد ذلك فى معهد التربية العلمية بالزقازيق ، تزوج وأنجب ثلاثة من الأبناء ، وثلاث من البنات .

    تم اعتقاله فى 10 / 1954 هو وعدد غفير من أبناء قرية حوض نجيح ، ولم يتم الإفراج عنه إلا فى مايو 1963 ، أعيد اعتقاله مرة ثانية فى 9 / 1956 وأفرج عنه عام 1967 ، تعرض الشراقى كزملائه إلى عمليات تعذيب بشعه داخل السجون الناصرية أفقدته إحدى عينه اليسرى والكثير من الأمراض المزمنة التى صاحبته فيم تبقى من حياته ، عين بعد خروجه من السجن مديرا لمدرسة "حوض ناجيح الابتدائية" إلى أن أحيل للمعاش ، انتقل إلى رحمة الله تعالى عام 1992 .

    وإذا نظرنا إلى هذه الفترة التى عاشها أحمد الشراقى طليقا قبل الاعتقال أو بعده ، أقصد الفترة التى من الممكن أن تكتب القصة خلالها أوحتى فترة الاعتقال نفسها على افتراض أن الكثير من المعتقلين السياسيين ينتجون أدبا وفكرا راقيا داخل السجون ، لو نظرنا إليها بالمقارنة مع حركة رجالات مصر الأدبية لوجدنا أن هناك تداخلا زمنيا واضحا ، وبالرغم من ذلك فهناك جهلا أو تهميشا فادحا لهذه الإسهامات من أبناء الحركة الإسلامية ، وليس هذا الجهل أو التجاهل مقتصر على أعداء الحركة الإسلامية أو مؤرخو الأدب المعتمدين مثلا فى النظام الناصرى ، بل إنه يمتد لأبناء الحركة نفسها بدليل عدم معرفة أى شخص بأمثال هذه الكتابات ، وعدم محاولة تجميعها ودمجها فى المسيرة الثقافية ، لأننى أتوقع مثلا أن تكون هذه الأعمال (الأكثر شهرة من هذه) مجمعة لدى الإخوان مثلا فى إصدارات ، ورغم أننى لم أقع على شىء مثل هذا ، لكنه لا يعنينى أيضا ، ما يعنينى هو أن يدرس أحمد الشراقى وأقرانه إلى جانب محمد تيمور وميخائيل نعيمة ويوسف إدريس .

    وليس هذا متعلقا بالقصة فقط ، ولا بالأدب فقط ، بل بكل جوانب الحياة التى تعتبرها الحركات الإسلامية رصيدا لها دون سواها ، كمن يصنف مثلا تاريخ وإنجازات عمر بن عبد العزيز إلى التاريخ الأموى والدولة الأموية ، والرجل تجاوز كل هذه الأطر للخروج إلى إطار الأمة جمعاء ، بل إلى إطار الإنسانية الرحيب .

    هذا ما أقصده من إدماج دراسة هؤلاء ضمن الحالة المصرية والعربية العامة وقتها ، إذا أن الافتراض يظل قائما بأن هذه القصة ليس الأخيرة لأحمد شراقى فضلا عن أن تكون الأولى ، وحتى لو تم افتراض أنها قصة واحدة لا يستحق الرجل أن يدرس من أجلها ، فالبيئة والعوامل التى أنتجت فيها هذه القصة تحتاج إلى الكثير من الدراسة ، وهذا أهم فى نظرى إذ أن دراسة هذه الحالة هى دراسة للمجتمع وفى القلب منه أيضا الحركة الإسلامية ، فدعوة الإخوان عندما يتم دراسة آثارها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فى قرية صغيرة مثل "حوض نجيح" سيحدث ذلك أثرا بالغ الأهمية وبعيد المعنى فى خروج ظاهرة "الإخوان" خارج القمقم أو الخندق الذى تضع نفسها فيه ، إنها حركة تجذرت وتأصلت فى المجتمع المصرى والإسلامى ، ولا يحق لأحد – ولو كانوا ورثتها التنظيميون – أن يضيعوا ذلك التراث أو أن يفصلوه عن التاريخ ، فالحركات التى فصلت نفسها عن التاريخ ، وبوتقت نفسها لم تستمر ولم ينظر إليها أصلا على مر القرون بعد ذلك ، وإن كان تأثيرها بالفعل موجود وواضح .

    أ/جمــــــال الحامص حوض نجيح ههيا

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 04, 2024 2:46 pm